{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)}قوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ} هذا من صفة الكافرين. و{ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ} نصب على الحال، أي وهم ظالمون أنفسهم إذ أوردوها موارد الهلاك. {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} أي الاستسلام. أي أقروا لله بالربوبية وانقادوا عند الموت وقالوا: {ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} أي من شرك. فقالت لهم الملائكة: {بَلى} قد كنتم تعملون الأسواء. {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وقال عكرمة: نزلت هذه الآية بالمدينة في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا، فأخرجتهم قريش إلى بدر كرها فقتلوا بها، فقال: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} بقبض أرواحهم. {ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ} في مقامهم بمكة وتركهم الهجرة. {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} يعني في خروجهم معهم. وفية ثلاثة أوجه: أحدها- أنه الصلح، قال الأخفش.الثاني- الاستسلام، قال قطرب.الثالث- الخضوع، قاله مقاتل. {ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} يعني من كفر. {بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يعني أن أعمالهم أعمال الكفار.وقيل: إن بعض المسلمين لما رأوا قلة المؤمنين رجعوا إلى المشركين، فنزلت فيهم. وعلى القول الأول فلا يخرج كافر ولا منافق من الدنيا حتى ينقاد ويستسلم، ويخضع ويذل، ولا تنفعهم حينئذ توبة ولا إيمان، كما قال: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا} وقد تقدم هذا المعنى. وتقدم في الأنفال أن الكفار يتوفون بالضرب والهوان، وكذلك في الأنعام. وقد ذكرنا في كتاب التذكرة.